مواطنة منقوصة، البهائيون مثالاً

مواطنة منقوصة، البهائيون مثالاً

أناهيد فياض _ حمزة الشلالدة

في العام الماضي عندما نجحت إلهان عمر “المهاجرة، العربية، المحجبة ” في الوصول إلى الكونغرس، وعندما طلبت رشيدة طليب ذات الأصول الفلسطينية أن تقسم على القرآن في أولى جلسات نفس الكونغرس، عبّر الكثير في البلدان العربية عن شعورهم بأن هذا نصر لهم في بلد يحمل أفكاراً مسبقة عنهم كعرب أو كمسلمين.

في الوقت الذي نهلل فيه لاختراق العرب المهاجرين أو المسلمين للمناصب العليا في تلك البلدان، تلقى المطالبة بحقوق الأقليات في بلداننا مقاومة شديدة، مجتمعية كانت أم حكومية. الواقع يقول أن معركة إلهان و رشيدة لم تكن مع قوانين تلك البلدان، خصوصاً بشكلها الحالي، بل هي في مدى قدرتهما على حشد مؤيدين في مجتمع يمثلون فيه أقلية لا تحظى بقبول عام، لاسيما أن ذلك حدث في عهد ترامب.

الأردن يتكون من غالبية عظمى من المسلمين (97،2% من السكان) وأقليات من المسيحين (2،2% من السكان) وأقليات من الديانات الأخرى (0،6% من السكان).

يعطي وصول أفراد من الأقليات الدينية أو الأثنية إلى المناصب الحكومية، انطباعاً أن هناك تطبيق فعلي للبند الأول من مادة الدستور السادسة “الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين” والتزاماً بالعهود والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، لكن الواقع أن هناك تساؤلات عدة، طرحت في السياق السابق، فمثلاً لماذا يُسجَّل الدروز، أو طائفة بني معروف كما يفضلون أن يسمّوا في الأردن، كمسلمين في سجلاتهم الرسمية؟ وهم اللذين يفوق عددهم 12 ألف مواطن أردني. وماذا عن دراسات تشير بأن هناك ثلاثة آلاف أردني شيعي؟ يكاد الغالبية لا يعرفون بوجودهم. وهل يحفظ نظام الكوتا في المجلس النيابي حق المخصص لهم كمواطنين أردنيين أم يزيد من عزلهم في فئات؟ تحديداً الكوتا التي لا تتيح لمن تمثلهم بالترشح خارج مقاعدها.

تمثيل للأقليات الدينية في الأردن، باسثناء الطوائف المسيحية المعترف بها رسمياً،
والتي يبلغ عدد أتباعها مجتمعين حوالي 240 ألف

وإن كان أفراد الأقليات في الأردن لا يتعرضون لأي تمييز في حصولهم على العمل والتعليم وتولي المناصب العامة، لكن هناك نقص يعاني منه البعض في حقوقهم المدنية، ولعل أتباع الديانة البهائية في الأردن يقفون كمثال صارخ على ذلك، فيقول قدرت قمي وهو أردني مؤمن بالبهائية، إنه حاول مرات عدة أن يتقدم بطلب لمنح الجنسية الأردنية لزوجته فريدة البهائية اليمنية، إلا أن عدم حيازته على شهادة زواج أردنية وهي من الأوراق الأساسية المطلوبة في معاملة الحصول على الجنسية حالت دون ذلك.

يقول قدرت إن دائرة الأحوال المدنية تمتنع عن إصدار شهادة زواج للبهائيين ولكنها تكتفي بإعطائهم دفتر عائلة بمعلومات منقوصة لا يتضمن رقم عقد الزواج ولا تاريخه ولا مكانه خلافاً لما عليه الحال عموماً، وقد لا يشكل هذا عائقاً أمام البهائيين المتزوجين من أردنيات، لكن قدرت وأمام الصعوبات التي تواجهها زوجته في تنقلاتها نتيجة لجنسيتها اليمنية، اضطر أن يسعى لحصولها على جنسية والدته التركية، وهو ما حدث بشكل سلس كما وصفه قدرت بعكس ما حصل في الأردن، لكن فريدة مازالت محرومة من العمل داخل الأردن.

والمفارقة أن والدة قدرت بالإضافة إلى جنسيتها التركية، كانت قد حصلت على الجنسية الأردنية بعد زواجها بخمس سنوات، لأن ذلك كان في السبعينيات، حين كان تسجيل الديانة البهائية متاحاً في الأوراق الرسمية.

قدرت قمي وعائلته

يروي عوني التميمي وهو أردني من أصول فلسطينية اعتنق البهائية في شبابه، والتقى بزوجته فاتن موسى في مصر، “قبل 40 عاماً عندما عدت من مصر ذهبت أنا وزوجتي لنبدأ معاملة حصولها على الجنسية، سألني الموظف وكان ملتحياً بشكل يوحي بتدينه، ماهي البهائية التي سجلتها في خانة الدين؟ فأجبته هذا هو ديني. فردّ، والنعم بك” قال عوني ذلك في سياق حديثه عن أن التقبل المجتمعي، كما الرسمي، كان أكبر في فترة سابقة.

تقول المتحدثة باسم البهائيين في الأردن تهاني روحي أن أحد الحلول المطروحة لهذه الإشكالية يكمن في استثناء البهائيين من تقديم شهادة الزواج ضمن الأوراق المطلوبة لمنح الأردني الجنسية لزوجته.

لكن الأمر مرتبط بالأصل بعدم اعتراف الدولة رسمياً بالديانة البهائية وعدم فصل هذا الاعتراف عن التمتع بالحقوق الإنسانية والحريات الدينية كما هو منصوص عليه في القوانين الدولية.

ويترتب على عدم الاعتراف الرسمي بالبهائية، أن تحرم من تسجيل ممتلكات بهائية تحت اسمها، ويستعاض عن ذلك بتسجيل العقارات باسم أفراد بهائيين بصفة شخصية.  ويتسبب ذلك بمتاعب في نقل الملكية عند وفاة المالك المسجل أو سفره، بالإضافة إلى أعباء مالية كبيرة وأخطار بفقدان ملكيتها ” كوقف للبهائيين. وفقاً لما قاله سميح قمي (ناشط شبابي، بهائي).

لازالت هناك مقبرتان للبهائيين معترف بهما رسمياً ومسجلتان باسم الطائفة البهائية خلال ترتيب خاص اتفق عليه قديماً مع الحكومة.

وعند سؤال تهاني روحي عن أثر عدم وجود أي محفل يخصهم في الأردن،  بينت أنه لا يوجد في ديانتهم طقوس دينية مشتركة، سوى طقوس الدفن، وان كل صلواتهم فردية، وأكدت أنهم يتمتعون بحرية في إقامة جلسات دعاء جماعية، ضمن ما أخبرتنا أنهم ينظموه كنشاط اجتماعي روحاني، بشكل شبه دوري، كل في حيه يدعو الجيران من مختلف الانتماءات الدينية ويتشاركون الدعاء والذكر من مختلف النصوص الدينية.

وأكدت تهاني ومثلها عوني وقدرت وكل من قابلناهم من أبناء البهائية أنهم لا يشعرون بأن هناك تمييز مجتمعي ضدهم، منهم من أرجع ذلك إلى “طبيعة المجتمع الأردني”، ومنهم من قال إن ذلك تأتى نتيجة انخراطهم المجد في النشاطات المجتمعية التنموية، وهو ما تمليه عليه تعاليم دينهم، على حد تعبيرهم.

قبل عام ونصف ألغى محافظ عمّان فعالية استضافها معتنقو البهائية في الأردن كانت جزءاً من احتفالات عالمية بمرور 200 عام على ميلاد “بهاء الله”، مؤسس الدين البهائي، يقول قدرت “مش كل جيل بتصحله يشهد هاي المناسبة” لكنه أردف بأنهم أحيوها في اجتماعات ضمن أحيائهم.

تعود بداية البهائية إلى منتصف القرن التاسع عشر، عندما أعلن علي محمد رضا الشيرازي في إيران أنه يحمل رسالة إلهية ومهد لظهور “بهاء الله” الذي أعلن بعد سنوات تلقيه للرسالة وهو من يعده البهائيون رسولاً لهم.

وصلت البهائية إلى الأردن قبل 120 سنة تقريباً عندما جاء مهاجرون بهائيون هرباً من الاضطهاد الإيراني لهم، واستقر معظمهم في الأغوار الشمالية، وعملوا في الزراعة واستقدموا زراعات لم تكن موجودة في المنطقة مثل الموز والباذنجان، ومن منطقة العدسية انتشروا في أنحاء الأردن، إلّا أن أغلبهم هاجروا إبان حرب 67. حالياً يتركز وجود البهائيين في محافظتي عمّان واربد، وتنتشر عائلات منهم في مأدبا والكرك والزرقاء والبلقاء.

لتفاصيل المناطق التي يسكنها البهائيون مرر المؤشر على المحافظات في الخارطة التالية

وتتشابه أوضاع البهائيين في الأردن مع أوضاعهم في بلدان الشرق الأوسط بما يخص الاعتراف بهم رسمياً. أمّا عن مساحة الحرية التي يتمتعون بها فتتراوح بين تضيق شديد وملاحقة أمنية كما في اليمن وإيران، وبين عدم التصريح لهم بإقامة المحافل في غالبية دول في الشرق الأوسط، في حين يتمكن البهائيون من ممارسة شعائرهم بحرية في البحرين ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة.

يُعتبر الإيمان البهائي ثاني أكثر الديانات انتشارًا جغرافيًا بعد المسيحية ، والدين الوحيد الذي نما بوتيرة أسرع من سكان العالم في جميع المناطق الرئيسية خلال القرن الماضي.

البهائيون في الأردن.. ممنوعون “حفاظا على حياتهم”!

https://www.irfaasawtak.com/a/400824.html

عمان – راشد العساف:

احتفل البهائيون حول العالم، مؤخرا، بالذكرى المئوية الثانية لمولد بهاء الله، مؤسس الديانة البهائية في منتصف القرن التاسع عشر، والذي نُفي من إيران إلى العراق ثم تركيا ليستقر في عكا بفلسطين حيث توفي. لكن البهائيين في الأردن منعوا من إقامة احتفال بذكرى مولد بهاء الله من قبل السلطات المحلية، بحجة الخوف على حياتهم والسلم المجتمعي.

ولا تزال الذاكرة الحكومية الأردنية الحديثة تأخذ بعين الاعتبار أحداث عبدون – غرب جنوب العاصمة- عام 2012 حين قام محتجون بالاعتداء على حفل “هالوين” كان مقاما بأحد المقاهي هناك. وأثارت المسألة جدلا واسعا في المجتمع الأردني. وهذا ما دفع إلى التخوف من اعتداء مماثل على البهائيين، مع إن الموضوعين مختلفان بالكامل، فالأول له علاقة بثقافة غربية حديثة، فيما الثاني يتصل بمعتقد ديني يمتد إلى نحو قرن ونصف.

ويعتقد البهائيون أن بهاء الله نبي، وأن النبوة متواصلة ولا تتوقف. واتخذوا عكا قبلة لهم في الصلاة حيث دفن نبيهم هناك عام 1892، في حين تعتبر حيفا مقرا رئيسيا لقيادة البهائية في العالم.

الهوية الوطنية

وعلّق نائب رئيس الوزراء وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء الدكتور ممدوح العبادي على المنع، قائلا إن “الدولة الأردنية تتغاضى عن نشاطات الطائفة البهائية في الأردن ولا تحظر فعالياتهم إلا في الحالات التي ترى أنها قد تشكل خطرا على حياتهم”.

وأضاف العبادي في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن الدولة الأردنية “تتعامل بحذر مع الطائفة البهائية التي ترفض أن تنطوي تحت الدين الإسلامي أو المسيحي ليتم التعامل معها بشكل رسمي، معللة بأنها ديانة مستقل”. ويعتقد العبادي أنّ “الهوية الوطنية لا يمكن أن تتأثر بأتباع ديانة أو طائفة، فهناك شعوب منتمية لأوطانها وهي لا تنتمي لأي دين”.

اقرأ ايضا:

بالفيديو: ماذا تعرفون عن البهائية؟

10 حقائق عن بهائيي العراق

الحقوق المدنية

لكن الناشط الحقوقي وممثل منظمة “صحافيون من أجل حقوق الإنسان في الأردن”، محمد شما يؤكد أن “على الدولة الأردنية توفير الحقوق المدنية الكاملة للأردنيين مهما اختلفت انتماءاتهم الدينية”.

ويقول شما لموقع (إرفع صوتك) إنه “من حق أبناء الطائفة البهائية كأردنيين أن يمارسوا نشاطاتهم بكل حرية بما لا يضر الصالح العام، وبما لا يخل بالقوانين والأنظمة، في وقت كان الأردن (ستينيات القرن الماضي) يسجل الطائفة البهائية في الوثائق المدنية على غرار الطائفة الدرزية”.

ويشير إلى أن منع اقامة احتفالية الطائفة البهائية بذكرى المئوية الثانية على مولد بهاء الله، يؤثر سلبا على حالة الحريات في المملكة.

البهائيون في الأردن

تقول تهاني روحي، وهي من أتباع الديانة البهائية والناطقة باسم الطائفة في الأردن، إنها تنتمي للجيل الخامس القادم من إيران.

وتشير في حديث لموقع (إرفع صوتك) إلى أن عدد أتباع الدين البهائي في الأردن يصل إلى ألف شخص، “وهم يمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية دون أن يشعروا بضغوط تمارس ضدهم من قبل المجتمع أو الدولة”.

وتعتبر روحي أن البهائيين في الأردن “يدينون بالانتماء والولاء للأردن وقيادته، كونهم من مكونات البلاد الأساسية”.

وتشرح أن البهائيين سكنوا الأردن منذ نحو قرن ونصف القرن في قرية العدسية بمنطقة الأغوار الأردنية، وتوزعوا لاحقا في مناطق السلط وعمان وإربد ومحافظات الجنوب، في حين أن الديانة البهائية تملي على أتباعها إطاعة ولي الأمر في البلدان التي سكنوها.