وجدت دراسة أردنية حديثة أن مرتكبي الجرائم الجنسية يلجأون إلى الزواج من ضحاياهم هرباً من العقوبة القانونية، معتبرة أن إسقاط العقوبة عن الجاني لأي سبب كان، يشجع على الجريمة.
وقالت الدراسة التي أجرتها جمعية معهد تضامن النساء الأردني (تضامن)، إن 62% من الأردنيين يرون أن الجاني يتزوج من ضحيته للإفلات من الملاحقة القضائية أو تنفيذ العقوبة، مشيرة إلى أن ”اختلاف الثقافات والأديان والعادات في المجتمعات، هو الذي يحدد المعايير والأسس التي تقوم عليها التشريعات والقوانين“.
وأضافت أن ”15% رأوا أن الجاني يتزوج من ضحيته لتجنب الإضرار بصورته الاجتماعية، فيما اعتبر 9% أن الجاني يحاول التعبير عن ندمه بزواجه من الضحية، لكن البعض قال إن هناك أسباباً أخرى تدفع مرتكب الجرائم الجنسية إلى الزواج من ضحيته، مثل الاتفاق المسبق بينهما، بنسبة 7%، أو الانتقام من الضحية وأسرتها وبنسبة بلغت 4%“.
وحول الكيفية التي تتم فيها ملاحقة الجاني في حال انفصل عن زوجته الضحية قبل انقضاء المدة القانونية المحددة، يقول مساعد النائب العام لمحكمة الجنايات الكبرى، القاضي جهاد الدريدي: ”تستعيد النيابة العامة حقها بملاحقة المعتدي حالما تعلم أن الجاني طلق المجني عليها قبل مرور خمسة أعوام للجناية وثلاثة أعوام للجنحة على عقد الزواج، أو في حال بادرت المجني عليها بالطلب من المحكمة بإعادة الملاحقة للجاني لطلاقه لها قبل مرور المدة الزمنية المقررة بموجب نص القانون إذا حدث الطلاق لسبب غير مشروع“.
لكن جمعية ”تضامن“ أشارت إلى ”وجود ضعف شديد في التنسيق بين دائرة قاضي القضاة ووزارة العدل فيما يتعلق بإعادة ملاحقة الجناة في حال تم الطلاق بدون سبب مشروع قبل انقضاء المدة المحددة، مما يشكل إهداراً وتساهلاً بالحق العام، وإخلالاً لصالح مرتكبي الجرائم الجنسية يمكنهم من الإفلات من العقوبة المقررة لذلك“.
وحذرت من أن ”أي تهاون مع مرتكبي الجرائم الجنسية، يجعلها قابلة للتكرار من الشخص ذاته أو من غيره، مطمئناً إلى أنه قادر على الإفلات من العقاب، وهو وضع لا يحقق هدف التشريع الجنائي في الردع الملائم العام والخاص، وبالتالي لن تتحقق العدالة والمصلحة المتمثلة في الوقاية من الجرائم والحد من وقوعها، كما لن يتحقق هدف حماية وإنصاف الضحايا وتأهيلهن“، على حد قولها.
وأشارت إلى أن ”الأردن لا يزال يراوح مكانه في جانب العدالة الجنائية وضمانات الحق في الوصول إلى العدالة لضحايا الجرائم الجنسية، لنبقى أسرى تقاليد اجتماعية لم تعد تلائم العصر ولا تليق بوطننا ولا تلائم مجتمعنا في هذا الزمن“، على حد تعبيرها.
في العام الماضي عندما نجحت إلهان عمر “المهاجرة، العربية، المحجبة ” في الوصول إلى الكونغرس، وعندما طلبت رشيدة طليب ذات الأصول الفلسطينية أن تقسم على القرآن في أولى جلسات نفس الكونغرس، عبّر الكثير في البلدان العربية عن شعورهم بأن هذا نصر لهم في بلد يحمل أفكاراً مسبقة عنهم كعرب أو كمسلمين.
في الوقت الذي نهلل فيه لاختراق العرب المهاجرين أو المسلمين للمناصب العليا في تلك البلدان، تلقى المطالبة بحقوق الأقليات في بلداننا مقاومة شديدة، مجتمعية كانت أم حكومية. الواقع يقول أن معركة إلهان و رشيدة لم تكن مع قوانين تلك البلدان، خصوصاً بشكلها الحالي، بل هي في مدى قدرتهما على حشد مؤيدين في مجتمع يمثلون فيه أقلية لا تحظى بقبول عام، لاسيما أن ذلك حدث في عهد ترامب.
الأردن يتكون من غالبية عظمى من المسلمين (97،2% من السكان) وأقليات من المسيحين (2،2% من السكان) وأقليات من الديانات الأخرى (0،6% من السكان).
يعطي وصول أفراد من الأقليات الدينية أو الأثنية إلى المناصب الحكومية، انطباعاً أن هناك تطبيق فعلي للبند الأول من مادة الدستور السادسة “الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين” والتزاماً بالعهود والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، لكن الواقع أن هناك تساؤلات عدة، طرحت في السياق السابق، فمثلاً لماذا يُسجَّل الدروز، أو طائفة بني معروف كما يفضلون أن يسمّوا في الأردن، كمسلمين في سجلاتهم الرسمية؟ وهم اللذين يفوق عددهم 12 ألف مواطن أردني. وماذا عن دراسات تشير بأن هناك ثلاثة آلاف أردني شيعي؟ يكاد الغالبية لا يعرفون بوجودهم. وهل يحفظ نظام الكوتا في المجلس النيابي حق المخصص لهم كمواطنين أردنيين أم يزيد من عزلهم في فئات؟ تحديداً الكوتا التي لا تتيح لمن تمثلهم بالترشح خارج مقاعدها.
تمثيل للأقليات الدينية في الأردن، باسثناء الطوائف المسيحية المعترف بها رسمياً،
والتي يبلغ عدد أتباعها مجتمعين حوالي 240 ألف
وإن كان أفراد الأقليات في الأردن لا يتعرضون لأي تمييز في حصولهم على العمل والتعليم وتولي المناصب العامة، لكن هناك نقص يعاني منه البعض في حقوقهم المدنية، ولعل أتباع الديانة البهائية في الأردن يقفون كمثال صارخ على ذلك، فيقول قدرت قمي وهو أردني مؤمن بالبهائية، إنه حاول مرات عدة أن يتقدم بطلب لمنح الجنسية الأردنية لزوجته فريدة البهائية اليمنية، إلا أن عدم حيازته على شهادة زواج أردنية وهي من الأوراق الأساسية المطلوبة في معاملة الحصول على الجنسية حالت دون ذلك.
يقول قدرت إن دائرة الأحوال المدنية تمتنع عن إصدار شهادة زواج للبهائيين ولكنها تكتفي بإعطائهم دفتر عائلة بمعلومات منقوصة لا يتضمن رقم عقد الزواج ولا تاريخه ولا مكانه خلافاً لما عليه الحال عموماً، وقد لا يشكل هذا عائقاً أمام البهائيين المتزوجين من أردنيات، لكن قدرت وأمام الصعوبات التي تواجهها زوجته في تنقلاتها نتيجة لجنسيتها اليمنية، اضطر أن يسعى لحصولها على جنسية والدته التركية، وهو ما حدث بشكل سلس كما وصفه قدرت بعكس ما حصل في الأردن، لكن فريدة مازالت محرومة من العمل داخل الأردن.
والمفارقة أن والدة قدرت بالإضافة إلى جنسيتها التركية، كانت قد حصلت على الجنسية الأردنية بعد زواجها بخمس سنوات، لأن ذلك كان في السبعينيات، حين كان تسجيل الديانة البهائية متاحاً في الأوراق الرسمية.
قدرت قمي وعائلته
يروي عوني التميمي وهو أردني من أصول فلسطينية اعتنق البهائية في شبابه، والتقى بزوجته فاتن موسى في مصر، “قبل 40 عاماً عندما عدت من مصر ذهبت أنا وزوجتي لنبدأ معاملة حصولها على الجنسية، سألني الموظف وكان ملتحياً بشكل يوحي بتدينه، ماهي البهائية التي سجلتها في خانة الدين؟ فأجبته هذا هو ديني. فردّ، والنعم بك” قال عوني ذلك في سياق حديثه عن أن التقبل المجتمعي، كما الرسمي، كان أكبر في فترة سابقة.
تقول المتحدثة باسم البهائيين في الأردن تهاني روحي أن أحد الحلول المطروحة لهذه الإشكالية يكمن في استثناء البهائيين من تقديم شهادة الزواج ضمن الأوراق المطلوبة لمنح الأردني الجنسية لزوجته.
لكن الأمر مرتبط بالأصل بعدم اعتراف الدولة رسمياً بالديانة البهائية وعدم فصل هذا الاعتراف عن التمتع بالحقوق الإنسانية والحريات الدينية كما هو منصوص عليه في القوانين الدولية.
ويترتب على عدم الاعتراف الرسمي بالبهائية، أن تحرم من تسجيل ممتلكات بهائية تحت اسمها، ويستعاض عن ذلك بتسجيل العقارات باسم أفراد بهائيين بصفة شخصية. ويتسبب ذلك بمتاعب في نقل الملكية عند وفاة المالك المسجل أو سفره، بالإضافة إلى أعباء مالية كبيرة وأخطار بفقدان ملكيتها ” كوقف للبهائيين. وفقاً لما قاله سميح قمي (ناشط شبابي، بهائي).
لازالت هناك مقبرتان للبهائيين معترف بهما رسمياً ومسجلتان باسم الطائفة البهائية خلال ترتيب خاص اتفق عليه قديماً مع الحكومة.
وعند سؤال تهاني روحي عن أثر عدم وجود أي محفل يخصهم في الأردن، بينت أنه لا يوجد في ديانتهم طقوس دينية مشتركة، سوى طقوس الدفن، وان كل صلواتهم فردية، وأكدت أنهم يتمتعون بحرية في إقامة جلسات دعاء جماعية، ضمن ما أخبرتنا أنهم ينظموه كنشاط اجتماعي روحاني، بشكل شبه دوري، كل في حيه يدعو الجيران من مختلف الانتماءات الدينية ويتشاركون الدعاء والذكر من مختلف النصوص الدينية.
وأكدت تهاني ومثلها عوني وقدرت وكل من قابلناهم من أبناء البهائية أنهم لا يشعرون بأن هناك تمييز مجتمعي ضدهم، منهم من أرجع ذلك إلى “طبيعة المجتمع الأردني”، ومنهم من قال إن ذلك تأتى نتيجة انخراطهم المجد في النشاطات المجتمعية التنموية، وهو ما تمليه عليه تعاليم دينهم، على حد تعبيرهم.
قبل عام ونصف ألغى محافظ عمّان فعالية استضافها معتنقو البهائية في الأردن كانت جزءاً من احتفالات عالمية بمرور 200 عام على ميلاد “بهاء الله”، مؤسس الدين البهائي، يقول قدرت “مش كل جيل بتصحله يشهد هاي المناسبة” لكنه أردف بأنهم أحيوها في اجتماعات ضمن أحيائهم.
تعود بداية البهائية إلى منتصف القرن التاسع عشر، عندما أعلن علي محمد رضا الشيرازي في إيران أنه يحمل رسالة إلهية ومهد لظهور “بهاء الله” الذي أعلن بعد سنوات تلقيه للرسالة وهو من يعده البهائيون رسولاً لهم.
وصلت البهائية إلى الأردن قبل 120 سنة تقريباً عندما جاء مهاجرون بهائيون هرباً من الاضطهاد الإيراني لهم، واستقر معظمهم في الأغوار الشمالية، وعملوا في الزراعة واستقدموا زراعات لم تكن موجودة في المنطقة مثل الموز والباذنجان، ومن منطقة العدسية انتشروا في أنحاء الأردن، إلّا أن أغلبهم هاجروا إبان حرب 67. حالياً يتركز وجود البهائيين في محافظتي عمّان واربد، وتنتشر عائلات منهم في مأدبا والكرك والزرقاء والبلقاء.
لتفاصيل المناطق التي يسكنها البهائيون مرر المؤشر على المحافظات في الخارطة التالية
وتتشابه أوضاع البهائيين في الأردن مع أوضاعهم في بلدان الشرق الأوسط بما يخص الاعتراف بهم رسمياً. أمّا عن مساحة الحرية التي يتمتعون بها فتتراوح بين تضيق شديد وملاحقة أمنية كما في اليمن وإيران، وبين عدم التصريح لهم بإقامة المحافل في غالبية دول في الشرق الأوسط، في حين يتمكن البهائيون من ممارسة شعائرهم بحرية في البحرين ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة.
يُعتبر الإيمان البهائي ثاني أكثر الديانات انتشارًا جغرافيًا بعد المسيحية ، والدين الوحيد الذي نما بوتيرة أسرع من سكان العالم في جميع المناطق الرئيسية خلال القرن الماضي.
توصل قادة دول مجموعة العشرين في الأرجنتين اليوم إلى حد أدنى من التوافق بشأن الاقتصاد العالمي، الا أن خلافاتهم تجلت بوضوح في البيان الختامي الذي خلا عمليا من أي وعود ملموسة.
ولعل من أبرز النقاط الرئيسية للبيان الصادر عن مجموعة العشرين والتي تمثل ثلثي اقتصاد العالم تقريبا، في ختام قمة استمرت يومين في العاصمة الأرجنتينية، هو الالتزام بقمة باريس والذي تعهد قادة الدول نفسها ما عدا أمريكا، بالتنفيذ الكامل لهذا الاتفاق الذي قالوا إنه “لا عودة عنه”. كما وعدت المجموعة بأنها ستراجع في القمة المقبلة في اليابان ما تم احرازه في مجال تحسين عمل منظمة التجارة العالمية. وأخيرا أكد القادة في بيونس آيرس على التزامهم بمكافحة الفساد وتطهير المؤسسات الحكومية منه بحلول 2021.
كلمات فضفاضة، ووعود باهته لم ترقى حتى الى التزامات جادة، وسيعاود القادة الى الاجتماع مجددا ولكن في طوكيو في العام القادم كما اجتمعوا في باريس في مثل هذا الوقت من العام الماضي.
أسئلة صعبة ومتشابكة تظهر علاقة المناخ العابر للقارات والذي لا يعرف الحدود، لها علاقة وطيدة بالعدالة والإنصاف والمسؤولية والالتزام. وبينما لا تزال المجتمعات المحلية وصانعو السياسات في مختلف أنحاء العالم حائرة عن وجود حلول لهذه الأسئلة، ومدى جدية هذه الوعود والالتزامات التي ستتحقق في القريب العاجل!!
اذن، هي فرصة لاتخاذ الخطوة التالية في عملية الانتقال من حالة تصبح فيها الدولة هي النواة المركزية إلى أخرى تتأصل جذورها في الوحدة التي تربطنا كمواطني عالم واحد. وهنا تتضح الحاجة إلى اتباع نهج جديد يركز على مبادئ العدالة والإنصاف لمواجهة الآثار المدمرة للتغير المناخي، التي تفاقمت بسبب الانانية. واليوم وعلى قناة فرانس 24 علق د. حبيب معلوف- الاستاذ في الجامعة اللبنانية عن هذه القمة، بأنه يتوجب علينا التفكير بعقلية المواطنة العالمية وتوسيع دائرة الاخلاق للخروج من أزمة المناخ.
فالتحدي الماثل امامنا هو ليس تحدياً تقنياً فحسب بل أخلاقياً أيضاً، والذي يتطلب منا جميعا سكان الكرة الأرضية قاطبة تحولاً في الأفكار والسلوكيات يؤدي بهيكلنا الاقتصادي والاجتماعي لتوسيع نطاق فوائد التطور على الناس كافة، وان ننظر بمنظور ان الجسم البشري هو واحد ويحتوي على مليارات الخلايا، فان تداعى اي عضو من هذا الجسم ، على الخلايا العضوية مساعدته ليبقى سليما، والا فإن الانانية والانغلاق ستؤدي الى بتر هذا العضو من الجسم. فخلايا الجسم البشري عددها لامتناهي في الشكل والوظيفة، بيد أنها متحدة في الهدف المشترك الذي يسمو فوق الغرض الذي صنعت من أجله أجزاؤه المركبة.
مؤتمر المناخ ليس مجرد اجتماع سنوي روتيني ينتهي بصورة جماعية لا تخفي بهتان الابتسامات التي جاهد الروساء في رسمها، بل هو مكان للالتقاء والتشاور الحبي؛ يسعى إلى إعادة صياغة التفاعل البشري الغير عادل، لتحل محلها أنماط أخرى تعكس الروابط والعلاقات التي تجمعنا كأعضاء جنس بشري واحد. فلم نعد نحتمل قرارات وتوصيات هلامية ختامية وكلمات نظرية غير تطبيقية؛ فإن ما أردنا التقدم، علينا الإصرار بأن يتشارك الكل في المسؤوليات لهدف ازدهار جميع الشعوب، يجب على هذا المبدأ أن تتغلغل جذوره في وجدان المشاركين.
الإستجابة للتغير المناخي، تتطلب تغيرات عميقة على مستوى الفرد والمجتمع ودول العالم. فالتغير المناخي، يحتاج الى تضييق الفجوة ما بين الفقر المدقع والغنى الفاحش، والمساواة بين الجنسين، والتنمية والتي تسعى للإستفادة من الموارد البشرية والطبيعية بطريقة تسير لترقي وإزدهار الناس كافة، فهل سيتحقق ذلك في قمة اليابان؟
أصاب العالم أجمع حالة من الصدمة جراء ما حدث من هجمات دامية على المصلين في مسجدين في بلد معروف عنه بالأمان والتسامح ويندر فيه العنف. ووصفته رئيسة وزراءه جاسيندا أرديرن، أن الهجوم يمثل واحدا من أحلك أيام نيوزيلندا. أما المحلل النيوزلندي في شؤون الدفاع فقد قال: ان هذا يثبت أننا لا نعيش في بيئة حميدة في هذا العصر، فلقد أصابنا فيروس التطرف وكان مصدره المؤمنون بتميز العرق الأبيض.”
فالتعصبات بكافة أشكالها سواء الدينية او العرقية أو غيرها، اذ تشكل حاجزا كبيرا امام تقدم البشرية، وهذا التعصب ينخر في هياكل المجتمع، واحيانا يتم التلاعب به بحيث يفرض على اللاوعي عند الافراد بطريقة ممنهجة. بل يتم استغلاله اعلاميا وللأسف دينيا باستخدام اساليب تضلل الحقائق وتروج لأجندات لجماعات معينة.
ولهذا فان الانسان الواعي وفي رحلته المستمرة للبحث عن الحقيقة، عليه أن يشاهد الأشياء بعينه لا بعيون الآخرين، فالتحري المستقل عن الحقيقة سيؤهلنا لتمييز الحقيقة من الزيف والتي شأنها ان تمحو التعصبات والخرافات التي تعرقل سير الوحدة والاتحاد. كما علينا أن نتعلم سويا، كيف يمكن اضغاف جذوة التعصب والقضاء عليها في النهاية، وكيف نتسامى فوق الحواجز التقليدية التي تفرق بين الناس في المجتمع، وتزيد التوتر بين الشعوب التي تنتمي الى خلفيات دينية مختلفة. ولطالما كان الجهل هو الباعث الاساسي والمحرك للتعصب، بل هو ” ابشع أشكال الظلم” لانه يقوي الاسوار العتيدة للتعصب ويكون عائقا امام فتح جسور التواصل مع العالم البشري ككل ويزيد من خطر الانغلاق والتعفن الفكري.
وبما انه لدي بعض المساهمات المتواضعة، وربما يعتبرني البعض ناشطة ان جاز التعبير في حوارات الاديان على مدار أكثر من عقد مضى سواء على المستوى المحلي، والاعلامي، والوطني والدولي ، ومن خلال مشاهدات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي بحيث أساهم في النقاش على صفحات معنية بالحوار والتواصل والانفتاح على الاخر المختلف، إلا انها لم تكن كافية للتصدي للتحدي المتنامي لهذا التعصب والتطرف الديني. ولربما كانت هذه الحوارات معنية بالنخب المجتمعية وتحاكي دائما ذووي العقول المستنيرة . اسئلة كثيرة يجب أن توضع محط اهتمام ونقاش وعلة مختلف المستويات حتى ترتقي الى حوار وطني يتشاور فيه كافة مكونات واطياف المجتمع من قبيل: ما هو دور الدين في المجتمع ؟ اعادة تعريق التعايش الديني بكافة ابعاده، وما المقصد بحرية الدين والعقيدة؟ وكيف يمكن التغلب على التحدي الماضي امامننا في القضاء على التعصب الديني والعرقي؟
فإذن لا تزال هناك الحاجة الى المزيد والمزيد من الجهود الدؤوبة والمخلصة للتوجه الى كافة شرائح المجتمع وبمختلف أطيافه. فكل يوم يمر بنا يتفاقم الخطر من أن النيران المتصاعدة من التعصبات الدينية سوف يستعر لهيبها ليصل الى العالم أجمع، وهذا ما شهدناه وللأسف في هجمات مساجد نيوزلندا الدامية.