تحقيق.. ”إرم“ ترصد عالم العرافين في نيودلهي

_43823

المصدر: نيودلهي- (خاص) من تهاني روحي

قراءة الكف والطالع والأبراج أمر حتمي عند معظم الهنود بل هو جزء من حياتهم اليومية، لدرجة أن الهندي لا يبدأ يومه ويبحث عن رزقه دون الاتصال أو المرور على قارئه المفضل؛ ليقرر له إن كان يومه سيكون سعيدا أو نحسا عليه.

وخلال جولة على عدد لا بأس به من العرافين، أكدوا أن من زبائنهم عددا لا يستهان به من العرب وخاصة الخليجيين الذين يأتون إلى نيودلهي خصيصا للتعرف على طالعهم، بل أن أحدهم أكد بأن سيدة إماراتية تأتي اليه على متن طائرة الصباح وتعود إلى بلدها في رحلة ما بعد الظهيرة؛ لتكتشف سر عدم حب زوجها لها فجأة وزواجه من أخرى.

وعرفت الهند علوم الفلك منذ الآف السنين، ولا تزال بعض الجامعات الهندية تدرس علوم الفلك والكواكب وتمنح درجة البكالوريوس فيه.

البداية كانت في أحد أفخم المجمعات التجارية في دلهي، حيث تجلس قارئه الطالع بالورق المعروف بـ( التاروت) في إحدى زوايا المول وخلفها لافتة مضاءه للإعلان بأنها مشغولة ومنهمكة في قراءه الطالع لزبوناتها وعادة هن من النساء، حيث تؤكد القارئه سوليت التي التقيناها في المول أن محور اهتمام البنات الزواج وفارس الأحلام، أما المتزوجات فكل اهتمامهن ينصب حول أزواجهن واستقرارهن الزوجي.

أما التاروت فهو رمز عرفه القدماء من المصريين، ويعمل على الطاقة الكامنة في كل شخص للتعرف عليها وإخراجها واستثمارها بالشكل السليم، والتاروت يساعدها على التعرف على مشكلات الزبون كما تستطيع أوراق التاروت على التعرف إلى أهم الحوادث التي مرت بحياة الفرد في الماضي والحاضر والمستقبل.

أما العالم الفلكي الشهير ”اشوك شرما“، فإن زيارته تحتاج إلى موعد مسبق، حيث يقول آشوك : “ الأبراج علم يدل على أن حركة الكواكب في السماء لها تأثير على الإنسان مند ولادته، والأهم هو أن اعرّف الشخص الذي يقصدني بالصفات المحددة في برجه ومواطن الضعف والقوة في شخصيته ومن خلال برنامج أعطيه إياه يستطيع بـ9 خطوات التغلب على العادات الضعيفه في الفلك التي تؤثر على برجه.

ويؤكد شرما أن هناك: “ فئة من المستثمرين الذين يتخوفون من اتخاذ القرار للوقت المناسب للاستثمار أو تشغيل الأموال، وأنا هنا أنصحهم بالتريث إن كانت الشمس عندهم ضعيفة، وأستطيع أن أدلّهم على الوقت الذي يكون تأثيرها قويا في أبراجهم“.

وفي نفس المكان أي في ”سيتي سيليكت مول“ الراقي، في إحدى المطاعم يجلس قارىء الوجوه، وقارئة الكف وحولها العديد من الزبونات ينتظرن أدوارهن من مختلف الفئات العمرية وهي ظاهرة تكاد لا تجدها إلا في الهند.

وانتهت جولتنا في عالم العرافين مع المنجم سانديب كوشار، والمشهور في أوساط نجوم السينما ( بوليود) وبعض السياسيين ورجال الأعمال، وهو يلبي دعوات مستمرة من بعض رجال الأعمال الخليجيين والعرب الذين يستضيفونه في بلادهم لينصحهم حول الأوقات المناسبة للاستثمار، ومن خلال خبرته بالتعامل مع الزبائن فإن ”سانديب“ يؤكد أن معظم الزبائن العرب لديهم مشاكل عاطفية وأسرية تؤثر على حياتهم بشكل جدي، فالمعروف أن الشخص الذي لا يشعر باستقرار عاطفي ونفسي داخل أسرته سينعكس سلبا على عمله، ولهذا فإن الشق الآخر من عمله كما يقول؛ أن يقوم بتوجيههم ونصحهم كما تكشف له الكواكب والنجوم وعلاقتها بهم.

وأخيرا، يبدو أن الاهتمام الفطري بعلم الفلك في الهند جعل من بزنس العرافين يزدهر كثيرا في أنحاء شبه القارة، بالإضافة إلى استقطابهم للعديد من السياح والزوار العرب بشكل خاص لمعرفه مصيرهم. وأيا كان اتفاقنا مع ظاهرة التنجيم أو اختلافنا، فإن الخوف من المجهول والمستقبل والفضول الفطري يدفع الكثير من الناس لمحاولة معرفة المستقبل، ولا يزال عدد كبير من الهنود لا يقدمون على اتخاذ قرارات مصيرية في حياتهم مثل الزواج أو تسمية مولود جديد أو الانتقال إلى عمل جديد دون استشارة العرافين.

التسوق في نيودلهي تجربة تستحق الاكتشاف

لمصدر: نيودلهي- (خاص) من تهاني روحي

رغم الانتشار الهائل للمجمعات التجارية ومراكز التسوق الضخمة التي تحمل أشهر الماركات العالمية في العاصمة الهندية، إلا أنه لا يمكن اكتمال زيارة نيودلهي دون اكتشاف متعه التسوق في الأسواق المكشوفة والبازارات. حيث يجد محبو التسوق متعتهم.

وكانت الهند تعتبر جنة التسوق لبلاد جنوب شرق آسيا، وكانت تستقطب أشهر تجار الدول المجاورة، لا سيما من منطقة الخليج العربي، قبل أن تدخل عدة دول في القارة الصفراء على خط المنافسة معها.

وتحتوي العاصمة الهندية على شوارع ومناطق خاصة للأسواق المكشوفة، أشهرها على الإطلاق سوق ”جانباث“ الممتد على مسافة بضعه كيلومترات، وشارع ”كاننيغ“ الشهير أيضا بتنوع المنتوجات المزركشة والملونة المعروضه من قبل القرويات اللواتي يفترشن الأرصفه بمنوجاتهن اليدوية.

ويتنوع ما يباع في تلك البازارات، فهناك المنتوجات اليدوية، والكتب المستعملة التي طبعت دون الرجوع إلى حقوق الملكية وتباع بأسعار زهيدة، وما أن تمشي عدة خطوات حتى تجد طوابير المارة أمام بائعي المأكولات الشعبية الهندية التي تعرض على الأرصفة. وفي البازار أيضا تجد الفنانين والحرفيين من مختلف المناطق الهندية يرسمون لوحاتهم أمام الناظرين، أو يرسمون وجوه المارة، ناهيك عن بائعي الخردوات والخضروات والاكسسوارات والمشغولات الذهبية.

التنوع المبهر في هذه الأسواق يعتبر بمثابة فرصة رائعه لزوار نيودلهي لإلقاء نظرة على المدينة.

وفي سوق الجلود التي تشتهر الهند بصناعتها، تجد جميع المنتجات الجلدية، وتلحظ البائع يأخذ مقاسات الزبون وهو واقف في الشارع بعد أن يعرض عليه عدة عينات لجلود من البقر والغزلان والماعز، ليرسل بعد ذلك الجاكيت المطلوب الذي فُصل خصيصا للزبون، إلى الفندق المقيم فيه، دون دفعه مسبقة.

أما إذا كنت لا تجيد المساومة في الأسعار، عليك التوجه إلى المعارض الحكومية التي تضع أسعارا ثابتة من قبل هيئة السياحة الرسمية، وتعتبر هذه المعارض أفضل مكان لابتياع الهدايا التذكارية كالفيل المصنوع من الرخام المزخرف أو من خشب الصندل الشهير، ولا ننسى أن الهنود يعتبرون الفيل رمز الرزق والمال.

أسواق الساري والأقمشة هي عالم مبهر بحد ذاته، ويكفي أن تشير بإصبعك إلى البائع عن أي لون أو شكل للساري ذي التسع ياردات ليستعرضه أمامك بمهارة فائقه، وبنفس السرعه والخفة يجري طيه وفرد آخر.

وتشعل المضاربة في الأسعار ما بين الباعة، خصوصا المتجولين منهم، وتيرة المفاصلة، لذلك إذا كنت تتقن فن المساومة فإن سوق الساري هو المكان الأفضل لممارسة هذه الهواية.

نيودلهي تقدم فرصة لاستكشاف خيارات التسوق، حيث يمكنك أيضا أن تختتم جولتك بقص شعرك على الطريقة الهندية وأنت جالس على طرف أحد شوارع البازار، وستكتشف أن هذه المدينة تعتبر المكان المثالي لممارسة مغامرة التسوق والمساومة والاستكشاف.

https://www.eremnews.com/latest-news/215701

الأردن.. زواج الجاني من ضحيته في الجرائم الجنسية يحميه من العقاب

وجدت دراسة أردنية حديثة أن مرتكبي الجرائم الجنسية يلجأون إلى الزواج من ضحاياهم هرباً من العقوبة القانونية، معتبرة أن إسقاط العقوبة عن الجاني لأي سبب كان، يشجع على الجريمة.

وقالت الدراسة التي أجرتها جمعية معهد تضامن النساء الأردني (تضامن)، إن 62% من الأردنيين يرون أن الجاني يتزوج من ضحيته للإفلات من الملاحقة القضائية أو تنفيذ العقوبة، مشيرة إلى أن ”اختلاف الثقافات والأديان والعادات في المجتمعات، هو الذي يحدد المعايير والأسس التي تقوم عليها التشريعات والقوانين“.

وأضافت أن ”15% رأوا أن الجاني يتزوج من ضحيته لتجنب الإضرار بصورته الاجتماعية، فيما اعتبر 9% أن الجاني يحاول التعبير عن ندمه بزواجه من الضحية، لكن البعض قال إن هناك أسباباً أخرى تدفع مرتكب الجرائم الجنسية إلى الزواج من ضحيته، مثل الاتفاق المسبق بينهما، بنسبة 7%، أو الانتقام من الضحية وأسرتها وبنسبة بلغت 4%“.

وحول الكيفية التي تتم فيها ملاحقة الجاني في حال انفصل عن زوجته الضحية قبل انقضاء المدة القانونية المحددة، يقول مساعد النائب العام لمحكمة الجنايات الكبرى، القاضي جهاد الدريدي: ”تستعيد النيابة العامة حقها بملاحقة المعتدي حالما تعلم أن الجاني طلق المجني عليها قبل مرور خمسة أعوام للجناية وثلاثة أعوام للجنحة على عقد الزواج، أو في حال بادرت المجني عليها بالطلب من المحكمة بإعادة الملاحقة للجاني لطلاقه لها قبل مرور المدة الزمنية المقررة بموجب نص القانون إذا حدث الطلاق لسبب غير مشروع“.

لكن جمعية ”تضامن“ أشارت إلى ”وجود ضعف شديد في التنسيق بين دائرة قاضي القضاة ووزارة العدل فيما يتعلق بإعادة ملاحقة الجناة في حال تم الطلاق بدون سبب مشروع قبل انقضاء المدة المحددة، مما يشكل إهداراً وتساهلاً بالحق العام، وإخلالاً لصالح مرتكبي الجرائم الجنسية يمكنهم من الإفلات من العقوبة المقررة لذلك“.

وحذرت من أن ”أي تهاون مع مرتكبي الجرائم الجنسية، يجعلها قابلة للتكرار من الشخص ذاته أو من غيره، مطمئناً إلى أنه قادر على الإفلات من العقاب، وهو وضع لا يحقق هدف التشريع الجنائي في الردع الملائم العام والخاص، وبالتالي لن تتحقق العدالة والمصلحة المتمثلة في الوقاية من الجرائم والحد من وقوعها، كما لن يتحقق هدف حماية وإنصاف الضحايا وتأهيلهن“، على حد قولها.

وأشارت إلى أن ”الأردن لا يزال يراوح مكانه في جانب العدالة الجنائية وضمانات الحق في الوصول إلى العدالة لضحايا الجرائم الجنسية، لنبقى أسرى تقاليد اجتماعية لم تعد تلائم العصر ولا تليق بوطننا ولا تلائم مجتمعنا في هذا الزمن“، على حد تعبيرها.

https://www.eremnews.com/entertainment/391187

مواطنة منقوصة، البهائيون مثالاً

مواطنة منقوصة، البهائيون مثالاً

أناهيد فياض _ حمزة الشلالدة

في العام الماضي عندما نجحت إلهان عمر “المهاجرة، العربية، المحجبة ” في الوصول إلى الكونغرس، وعندما طلبت رشيدة طليب ذات الأصول الفلسطينية أن تقسم على القرآن في أولى جلسات نفس الكونغرس، عبّر الكثير في البلدان العربية عن شعورهم بأن هذا نصر لهم في بلد يحمل أفكاراً مسبقة عنهم كعرب أو كمسلمين.

في الوقت الذي نهلل فيه لاختراق العرب المهاجرين أو المسلمين للمناصب العليا في تلك البلدان، تلقى المطالبة بحقوق الأقليات في بلداننا مقاومة شديدة، مجتمعية كانت أم حكومية. الواقع يقول أن معركة إلهان و رشيدة لم تكن مع قوانين تلك البلدان، خصوصاً بشكلها الحالي، بل هي في مدى قدرتهما على حشد مؤيدين في مجتمع يمثلون فيه أقلية لا تحظى بقبول عام، لاسيما أن ذلك حدث في عهد ترامب.

الأردن يتكون من غالبية عظمى من المسلمين (97،2% من السكان) وأقليات من المسيحين (2،2% من السكان) وأقليات من الديانات الأخرى (0،6% من السكان).

يعطي وصول أفراد من الأقليات الدينية أو الأثنية إلى المناصب الحكومية، انطباعاً أن هناك تطبيق فعلي للبند الأول من مادة الدستور السادسة “الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين” والتزاماً بالعهود والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، لكن الواقع أن هناك تساؤلات عدة، طرحت في السياق السابق، فمثلاً لماذا يُسجَّل الدروز، أو طائفة بني معروف كما يفضلون أن يسمّوا في الأردن، كمسلمين في سجلاتهم الرسمية؟ وهم اللذين يفوق عددهم 12 ألف مواطن أردني. وماذا عن دراسات تشير بأن هناك ثلاثة آلاف أردني شيعي؟ يكاد الغالبية لا يعرفون بوجودهم. وهل يحفظ نظام الكوتا في المجلس النيابي حق المخصص لهم كمواطنين أردنيين أم يزيد من عزلهم في فئات؟ تحديداً الكوتا التي لا تتيح لمن تمثلهم بالترشح خارج مقاعدها.

تمثيل للأقليات الدينية في الأردن، باسثناء الطوائف المسيحية المعترف بها رسمياً،
والتي يبلغ عدد أتباعها مجتمعين حوالي 240 ألف

وإن كان أفراد الأقليات في الأردن لا يتعرضون لأي تمييز في حصولهم على العمل والتعليم وتولي المناصب العامة، لكن هناك نقص يعاني منه البعض في حقوقهم المدنية، ولعل أتباع الديانة البهائية في الأردن يقفون كمثال صارخ على ذلك، فيقول قدرت قمي وهو أردني مؤمن بالبهائية، إنه حاول مرات عدة أن يتقدم بطلب لمنح الجنسية الأردنية لزوجته فريدة البهائية اليمنية، إلا أن عدم حيازته على شهادة زواج أردنية وهي من الأوراق الأساسية المطلوبة في معاملة الحصول على الجنسية حالت دون ذلك.

يقول قدرت إن دائرة الأحوال المدنية تمتنع عن إصدار شهادة زواج للبهائيين ولكنها تكتفي بإعطائهم دفتر عائلة بمعلومات منقوصة لا يتضمن رقم عقد الزواج ولا تاريخه ولا مكانه خلافاً لما عليه الحال عموماً، وقد لا يشكل هذا عائقاً أمام البهائيين المتزوجين من أردنيات، لكن قدرت وأمام الصعوبات التي تواجهها زوجته في تنقلاتها نتيجة لجنسيتها اليمنية، اضطر أن يسعى لحصولها على جنسية والدته التركية، وهو ما حدث بشكل سلس كما وصفه قدرت بعكس ما حصل في الأردن، لكن فريدة مازالت محرومة من العمل داخل الأردن.

والمفارقة أن والدة قدرت بالإضافة إلى جنسيتها التركية، كانت قد حصلت على الجنسية الأردنية بعد زواجها بخمس سنوات، لأن ذلك كان في السبعينيات، حين كان تسجيل الديانة البهائية متاحاً في الأوراق الرسمية.

قدرت قمي وعائلته

يروي عوني التميمي وهو أردني من أصول فلسطينية اعتنق البهائية في شبابه، والتقى بزوجته فاتن موسى في مصر، “قبل 40 عاماً عندما عدت من مصر ذهبت أنا وزوجتي لنبدأ معاملة حصولها على الجنسية، سألني الموظف وكان ملتحياً بشكل يوحي بتدينه، ماهي البهائية التي سجلتها في خانة الدين؟ فأجبته هذا هو ديني. فردّ، والنعم بك” قال عوني ذلك في سياق حديثه عن أن التقبل المجتمعي، كما الرسمي، كان أكبر في فترة سابقة.

تقول المتحدثة باسم البهائيين في الأردن تهاني روحي أن أحد الحلول المطروحة لهذه الإشكالية يكمن في استثناء البهائيين من تقديم شهادة الزواج ضمن الأوراق المطلوبة لمنح الأردني الجنسية لزوجته.

لكن الأمر مرتبط بالأصل بعدم اعتراف الدولة رسمياً بالديانة البهائية وعدم فصل هذا الاعتراف عن التمتع بالحقوق الإنسانية والحريات الدينية كما هو منصوص عليه في القوانين الدولية.

ويترتب على عدم الاعتراف الرسمي بالبهائية، أن تحرم من تسجيل ممتلكات بهائية تحت اسمها، ويستعاض عن ذلك بتسجيل العقارات باسم أفراد بهائيين بصفة شخصية.  ويتسبب ذلك بمتاعب في نقل الملكية عند وفاة المالك المسجل أو سفره، بالإضافة إلى أعباء مالية كبيرة وأخطار بفقدان ملكيتها ” كوقف للبهائيين. وفقاً لما قاله سميح قمي (ناشط شبابي، بهائي).

لازالت هناك مقبرتان للبهائيين معترف بهما رسمياً ومسجلتان باسم الطائفة البهائية خلال ترتيب خاص اتفق عليه قديماً مع الحكومة.

وعند سؤال تهاني روحي عن أثر عدم وجود أي محفل يخصهم في الأردن،  بينت أنه لا يوجد في ديانتهم طقوس دينية مشتركة، سوى طقوس الدفن، وان كل صلواتهم فردية، وأكدت أنهم يتمتعون بحرية في إقامة جلسات دعاء جماعية، ضمن ما أخبرتنا أنهم ينظموه كنشاط اجتماعي روحاني، بشكل شبه دوري، كل في حيه يدعو الجيران من مختلف الانتماءات الدينية ويتشاركون الدعاء والذكر من مختلف النصوص الدينية.

وأكدت تهاني ومثلها عوني وقدرت وكل من قابلناهم من أبناء البهائية أنهم لا يشعرون بأن هناك تمييز مجتمعي ضدهم، منهم من أرجع ذلك إلى “طبيعة المجتمع الأردني”، ومنهم من قال إن ذلك تأتى نتيجة انخراطهم المجد في النشاطات المجتمعية التنموية، وهو ما تمليه عليه تعاليم دينهم، على حد تعبيرهم.

قبل عام ونصف ألغى محافظ عمّان فعالية استضافها معتنقو البهائية في الأردن كانت جزءاً من احتفالات عالمية بمرور 200 عام على ميلاد “بهاء الله”، مؤسس الدين البهائي، يقول قدرت “مش كل جيل بتصحله يشهد هاي المناسبة” لكنه أردف بأنهم أحيوها في اجتماعات ضمن أحيائهم.

تعود بداية البهائية إلى منتصف القرن التاسع عشر، عندما أعلن علي محمد رضا الشيرازي في إيران أنه يحمل رسالة إلهية ومهد لظهور “بهاء الله” الذي أعلن بعد سنوات تلقيه للرسالة وهو من يعده البهائيون رسولاً لهم.

وصلت البهائية إلى الأردن قبل 120 سنة تقريباً عندما جاء مهاجرون بهائيون هرباً من الاضطهاد الإيراني لهم، واستقر معظمهم في الأغوار الشمالية، وعملوا في الزراعة واستقدموا زراعات لم تكن موجودة في المنطقة مثل الموز والباذنجان، ومن منطقة العدسية انتشروا في أنحاء الأردن، إلّا أن أغلبهم هاجروا إبان حرب 67. حالياً يتركز وجود البهائيين في محافظتي عمّان واربد، وتنتشر عائلات منهم في مأدبا والكرك والزرقاء والبلقاء.

لتفاصيل المناطق التي يسكنها البهائيون مرر المؤشر على المحافظات في الخارطة التالية

وتتشابه أوضاع البهائيين في الأردن مع أوضاعهم في بلدان الشرق الأوسط بما يخص الاعتراف بهم رسمياً. أمّا عن مساحة الحرية التي يتمتعون بها فتتراوح بين تضيق شديد وملاحقة أمنية كما في اليمن وإيران، وبين عدم التصريح لهم بإقامة المحافل في غالبية دول في الشرق الأوسط، في حين يتمكن البهائيون من ممارسة شعائرهم بحرية في البحرين ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة.

يُعتبر الإيمان البهائي ثاني أكثر الديانات انتشارًا جغرافيًا بعد المسيحية ، والدين الوحيد الذي نما بوتيرة أسرع من سكان العالم في جميع المناطق الرئيسية خلال القرن الماضي.

ما لا تعرفه عن البهائيين في الأردن

https://www.vice.com/ar/article/evedd7/%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A-%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81%D9%87-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%87%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86

37963602_674946102860166_5032849837163282432_n

قي منزل إحدى الصديقات في أحد أحياء العاصمة الأردنية عمّان، اجتمعت ثلة من الأصدقاء البهائيين الذين جاءوا من محافظات أردنية عدّة من أجل الدعاء الأسبوعي الذي تعقده تهاني روحي، 49 عاماً، صحافية، بهائية ومتحدثة باسم جماعتها في الأردن، في كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع. تعتبر جلسات العبادة هذه هي المساحة المتاحة للبهائيين الذي يجتمعون للدعاء في بلد لا يوجد فيها دور عبادة خاصة بهم.

ذهبت إلى أحد هذه الجلسات التي يخيم عليها الجو العائلي قبل الروحاني، وتحدثت مع تهاني التي قالت لي أن جلسات الدعاء التي تعقدها هي وأصدقائها في منازلهم لا تقتصر فقط على البهائيين، بل إنه باستطاعة أي شخص على إختلاف دينه أن يقوم بحضور هذه الجلسات، ذلك أن هدفها هو تصفية الذهن والروح، والدخول في نقاشات ثرية ومفيدة للجميع. بعد الجلسات، يتناول الحاضرون وجبة خفيفة من الطعام الذي قامت تهاني بتحضيره بمساعدة والدتها، ويتم تجاذب أطراف الحديث بين الحاضرين بينما يتناولون الطعام.

“هذه الجلسات الأسبوعية يعقدها البهائيون في جميع أنحاء العالم، دون وجود يوم محدد بالضرورة، هدفنا أن نرفع السمة التعبدية في الأحياء، فأنا مثلا أقوم بدعوة زملائي في العمل، جيراني، وأصدقائي من مختلف الديانات، محاولين أن نتفكر في الكلمات الإلهية،” تضيف تهاني.

وتنتشر البهائية في أكثر من 183 دولة في أنحاء العالم ويبلغ عدد البهائيين أكثر من خمسة ملايين شخص، النسبة الأكبر في الهند

يبلغ عدد البهائيين في الأردن حوالي الألف شخص، جاء معظمهم من إيران في أواخر القرن التاسع عشر هرباً من الإضطهاد القاجاري هناك. بعضهم أكثرهم الى فلسطين حيث مقام مؤسس هذه الديانة، والذي نُفي من إيران إلى العراق ثم تركيا ليستقر في عكا بفلسطين المحتلة حيث توفي عام 1892، ولهذا يتوجهون لعكا كقبلة في صلاتهم. وتعتبر حيفا المقر العالمي للبهائية، وفيها حدائق البهائين “أو الحدائق المعلقة” التي تتدرج على جبل الكرمل، وتمتد لمئات الهكتارات حتى البحر الأبيض المتوسط. تحيط هذه الحدائق بـ “المركز العالمي للدين البهائي” والذي يضم مبنىً بقبة ذهبية يسمى “مقام الباب- قبة عباس” وهو أحد المبشرين بالبهائية، والذي قتل عام 1850، ونُقلت رفاته إلى حيفا.

وتعتبر البهائية دين مستقل بذاته لا يتبع أي دين آخر، حيث يؤمن أتباعه بوحدانيّة الله وبكافّة كتبه ورسله وأنبيائه، ويؤمنون أيضاً بوحدة الجّنس البشريّ قولًا وفعلًا، وأن بهاء الله هو رسول الله بعد محمد عليه السلام، وأن الرسالة السماوية لن تنقطع لطالما أن البشر يعيشون على هذه الأرض. الكتاب الأقدس هو أهم الكتب المقدسة في البهائية وهو باللّغة العربية ويشتمل على الحدود والأحكام والنّصائح الأخلاقيّة والروحانية. وتنتشر البهائية في أكثر من 183 دولة في أنحاء العالم، ويبلغ عدد البهائيين أكثر من خمسة ملايين شخص، النسبة الأكبر في الهند.

ويعتبر البهائيين هم أصحاب الدين الثالث في الأردن إلى جانب المسلمين والمسيحيين، على الرغم من عدم تسجيله كدين رسمي من الأديان الموجودة في الأردن. وعلى الرغم من أن الأردن يضم عدداً لا يستهان به من الدروز، لكنهم مسجلين في الاوراق الرسمية كمسلمين، في حين أن البهائيين لا تضع ديانتهم في بطاقتهم الشخصية، بل تترك خانة الدين فارغة، مما قد يتركهم عرضة للتمييز.

وفي حين تنص المادة 14 من الدستور على أن الدولة احترام “حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية في المملكة ما لم تكن مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب،” ويشير الفصل الثاني من الدستور الأردني في مادته السادسة على أن “الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين” إلى أن البهائيين يعانون من بعض المشاكل في الحصول على حقهم بالمواطنة الكاملة.

تعتبر البهائيات الأجنبيات المتزوجات من أردنيين هن النساء الوحيدات الغير قادرات على الحصول على جنسية الزوج بعكس جميع النساء

عدم إعتماد البهائية كدين معترف به حكومياً في الأردن ينتج عنه من إعاقة بعض المعاملات المدنية هو الإشكالية التي تواجه البهائيين هناك. في المعاملات الشخصية من زواج وطلاق وميراث يخضع البهائيين لقانون الأحوال الشخصية المستمد من الشريعة الإسلامية، مع أن لديهم أحكام خاصة بهم حيث يؤمنون بمبدأ المساواة في الحقوق بين البشر بما في ذلك المساواة بين الرجل والمرأة. فمثلاً، فيما يتعلق بالزواج، لا يتم الاعتراف بعقد زواج الديانة البهائية في الأردن بل يتم إصدار دفتر عائلة للزوجين وتسجيل الأبناء فيه، دون الحصول على عقد زواج رسمي، وهذا يعني أن البهائيين الأردنيين لا يستطيعون منح زوجاتهم الأجنبيات الجنسية الأردنية. ولهذا تعتبر البهائيات الأجنبيات المتزوجات من أردنيين هن النساء الوحيدات الغير قادرات على الحصول على جنسية الزوج بعكس جميع النساء. فبحسب القانون الأردني، تحصل الزوجة العربية المتزوجة من أردني على الجنسية الأردنية بعد ثلاث سنوات من الزواج، في حين تحصل الأجنبية على الجنسية بعد خمس سنوات.

زارين، 27 عاماً، هي إمرأة بهائية مصرية تزوجت من رجل أردني قبل سبع سنوات، ورغم أنها ولدت في الأردن وأطفالها أردنيين، إلا أنها لا زالت حتى هذه اللحظة لا تستطيع الحصول على الجنسية الأردنية ذلك لأن عقد زواجها البهائي هو عقد غير معترف به في المملكة. يتسبب حرمان زارين من هذا الحق في أن يمنعها من أن تمارس مهنة المحاماة بصفتها شخص أجنبي: “كل شيء يشعرني بالإنتماء إلى هذه البلد التي أحب، لكن عدم حصولي على الجنسية الأردنية حتى الآن يحبطني ويعيق حياتي.”

لا يوجد طبقة رجال الدين في الديانة البهائية التي لا تقر بوجود وساطة بين العبد وربه

الأمور كانت أسهل بالنسبة لأنس، 33 عاماً، أحد الحاضرين في جلسة الدعاء، والذي ولد لأم بهائية أردنية ذات أصول إيرانية، في حين أن والده الفلسطيني الأصل مسلما، ولكن أنس اعتنق البهائية بعد القراءة عنها. وعلى الرغم من أن البهائية دين لا يورّث، لكن أنس اختار أيضا البهائية كالدين. لا يعتبر زواج البهائيين من غيرهم قرار سهل في معظم الدول العربية، وخاصة تلك التي لا تعترف بالبهائية كدين رسمي. ولكن أنس، والذي تزوّج قبل أقل من شهر، تعرّف إلى زوجته الأمريكية خلال إحدى جلسات الدعاء في منزله، وفوجئ بأنها كانت بهائية أيضاً، فقررا الزواج بعد أشهر قليلة من اللقاء. “لا أمانع الزواج من شخص يختلف دينياً عني، حيث يقول الكتاب البهائي الأقدس (عاشروا مع الأديان بالروح والريحان) لكن الموضوع مُعقد على الصعيد المدني، فلا تستطيع المسلمة أو المسيحية بحسب القوانين الدينية أن تتزوج ممن يخالفها في الدين. أعتقد أنني كنت محظوظاً أنني إلتقيت زوجتي واستطعنا الزواج بأقل الصعوبات الممكنة.”

ويقوم البهائين بالصلاة بشكل فردي، ولا يوجد مفهوم للصلاة الجماعية في الدين البهائي. ومع ذلك، فهم لا يملكون أي دورعبادة في الأردن، بل إن دور العبادة هي قليلة في العالم أهمها مقام البهاء في فلسطين. ولا يوجد طبقة رجال الدين في الديانة البهائية التي لا تقر بوجود وساطة بين العبد وربه. لا يعرف الكثير في العالم العربي عن وجود بهائيين بينهم، وكذلك هو الحال في الأردن، ولكن دوائرهم الصغيرة تعرفهم جيداً. أنس يقول أنه لا يدخّر أي مجهود في أن يخبر من حوله أن ديانته مختلفة. “أحاول تمرير هذه المعلومة بشكل ذكي، أسعد بمن يسألني ويناقش ويتعرف على ديانتي، هذا شيء مهم بالنسبة لي.”

قام محافظ عمّان في عام 2018 بمنع فعالية للبهائيين للاحتفال بالمئوية الثانية لمولد حضرة بهاء الله، وذلك بذريعة الخوف على حياتهم

على الرغم من أن البهائيين الذين التقيناهم أكدوا أنهم لا يعانون أي من التمييز العنصري على المستوى الاجتماعي، ولكن لا يزال هناك نظرة سلبية لهم نتيجة لتداول معلومات غير دقيقة عن البهائيين الذين يتواجدون في عدد من البلدان العربية كالمغرب ومصر وفلسطين والكويت والعراق واليمن وغيرها، حيث يتم زجهم تكفيرهم حيناً وإدخالهم في الصراعات السياسية والدينية حيناً آخر. أنس يقول أنه درس التربية الدينية الإسلامية في المدرسة بينما كان طفلاً، لكنه كان يعي جيداً حقيقة اختلافه. يضيف أنس أنه عانى من بعض التمييز بينما كان طفلاً، لأن المحيطين به من أطفال جيله لم يكونوا يعرفون أي شيء عن البهائية، ولم يكن هو يملك القدرة على التعبير عن نفسه وعن اختلافه الديني: “ولكن عندما كبرت أصبحت لدي الموهبة للحديث والتعبير بكل ثقة عن اختلافي، وأقول أن هناك جو إيجابي، حيث أن الآخرين يسمعون ويحترمون ويناقشون.”

ولا يعتبر البهائيين أنفسهم مجموعة خاصة بل هم ينتمون بشكل أساسي للبلاد التي يعيشون فيها. تقول تهاني والتي تنتمي للجيل البهائي الخامس في الأردن أنها ولدت في الأردن ولا تعتبر نفسها إلا مواطنة أردنية بهائية. وسام حسين، 40 عاماً، إمرأة بهائية عراقيّة تزوجت من رجل بهائي أردني وانتقلت للعيش معه في الأردن قبل أكثر من عشر سنوات. تقول وسام أنها تشعر بجو كبير من التسامح والتقبل للبهائيين في الأردن مقارنة بالعراق: “لم يكن الحال هكذا قبل عدة سنوات في العراق، لم يكن باستطاعتنا التعبير عن ديانتنا بالشكل الذي نريد، كنا ممنوعين من إقتناء حتى كتبنا المقدسة.” و لكن حسين تقول أنها تشعر بالراحة الآن لوجود حرية معتقد في المملكة.

وعلى الرغم من انفتاح الأردن والأردنيين على المختلف، لكن قام محافظ عمّان في عام 2018 بمنع فعالية للبهائيين للاحتفال بالمئوية الثانية لمولد حضرة بهاء الله، وذلك بذريعة الخوف على حياتهم. في حين أن هذا القرار لاقى رفض من يقول أن حق الشعائر الدينية يجب أن يكون مكفول لأي شخص بغض النظر عن معتقده.

تقول المتحدثة بإسم الجماعة تهاني روحي، أن الوعي المجتمعي من أجل تقبل المختلف هو مسئولية جماعية، مسئولية الأفراد، الإعلام، الخطاب الديني، والتعليم. كل هذا يساهم في الانفتاح على الآخر وتنهي حديثها بالقول: “لا بد من الإختلاف، لأن هذا ما يزيد من جمال المجتمع. ولكن في الوطن العربي هناك إقصاء مختلف وخاصة للأقليات، لهذا واجبنا جميعاً أن نخلق معاً مجتمعاً متفاهماً ومتسامحاً.”